لا تتركوني وحدي

لاتتركونى وحدى.. بقلم فاتن



هجر الزوج العش الهادئ الى غير رجعة دون ان يخط كلمة تضئ ليلها الآت.. تركها وصغارها فى مركب صغير تتقاذفه الامواج وتعبث به الانواء.. تخطت بهم جبال الصعب بقلب يرجف وسؤال يرتسم فى الاحداق لماذا هجر ؟؟
راحت تجدف بقلب مكسور الى ان وصلت بهم الى شط ومرسى .. طبيب ومهندسة..تتنهد حين تتذكر كم كانت صعبة تلك الليالى ..تزوج الابن وبقيت الابنة الى ان جاء فارس احلامها دون جواد ..لا يملك ان يملك شقة ..بكت الفتاة رقت أمها لحالها تهمس فى أذنها برحمة ..لماذا لا تقيما معى .. فى بيتى ؟؟ ..قالتها بقلب ملؤه الحب ..سنوات ..وجاء طفل تليه طفلة ضاقت عليهم الشقة بما رحبت..
ضج الجميع بالعجوز وراحت العيون تسأل فى صمت .. متى ترحلين!!
ضاقت بنا غرفتنا يا امى ...هذى غرفتى يالحبيبة خذوها ..
اصبحت ضيفة فى بيتها ..غير مرحب بوجودها .. تقضى شئونها بنفسها رغم وهنها وضعفها.. تضع الاناء على الموقد.. تغفل عيناها ..تنطفئ الشعلة ..رائحة الغاز تعبق المكان تنذر بحدوث كارثة... لولا ستر الله ..تصرخ فيها ابنتها كالوحش الهائج كدت تقتليننا ..ترتعد الام كالفأر المذعور ..تردف الابنة فى قسوة ..لقد ضقت ذرعا بك لم اعد استطيع ان اتحمل اكثر من ذلك !!
انطفأت مصابيح المساء .. يجتمع الابناء ..الطبيب والمهندسة.. يتهامسان يتباحثان بشأنها ...تهمس فى لوعة.. يا ويلى لقد زرعت زهورى فى تربة جدباء.. تحزم لها ابنتها حقيبتها ..تتساءل العجوز فى صمت ؟؟ هل حان موعد الرحيل؟؟..تحس بصوت يخرج من جدران البيت يناديها يتوسلها من اجل البقاء.. تكتم دموعا شرعت بفضح الحنين لا ..لن ابكى ..ترمقها ابنتها بنظرة ميتة .. يمسك ابنها بيدها المعروقة.. تتساءل .. الا توخز قلبه دمعة تتأرجح بين مقلتى ؟؟ ..يتعرق جبينه ..يذوب فى بحر من الخزى.. ترفقت به فأسدلت أهداب الحزن.. ذاب قارب احلامها الورقى وستغرق فى بحر لجى ..تنطلق بهما السيارة الى حيث لا تدرى ..تتوقف امام مبنى قديم .. يتجها اليه ..يتحاشى النظر الى عينيها المتورمتين .. يدخل مكتب وتنتظر بالخارج..لحظات و تأتى امرأة تحمل حقيبة العجوز وتصحبها معها.. تحكم قبضتها على يديها المرتعشتين .. تدخلها حجرة وتغلق الباب.. تنتظر العجوز..يمر زمان بطئ العبور ...تفتح الباب.. تنادى على ابنها .. يرد نداءها الصدى ..تفتح ابواب مجاورة تطل منها رءوس اصابت من شبيبتها الليالى ترتسم على شفاههم بسمات حزينة .. تأتى امرأة قاسية الملامح تدفعها الى الداخل تطفئ نور حجرتها وتغلق الباب دونها .. تنزوى العجوز فى ركن بالغرفة تلتحف الخوف والرعب ..تخفى وجهها بين يديها .. يحرق الاسى اعماقها .. قالت ودمع العين مسكوب .. لا تتركونى وحدى.. فأنا اخشى الظلام !!